الأربعاء، 15 أبريل 2020

انعكاس..


أنباء عن اعصار سيهدم البلاد تتصدر عنواني الاخبار مصاحبة لاخبار عن فيروس يهدد الصحة العامة للشعوب وانباء عن غلق المطارات واتجاه عام للعمل من المنزل انباء عن اغلاق المدارس والجامعات اشاعات تردد ولكن ليس هناك اخبار مؤكدة سوى انه اليوم الذى سوف يضرب الاعصار البلاد على الجميع الالتزام بالمنازل وعدم النزول ولا حتى للضرورة القصوى لسلامة المواطنين..

بريد الكترونى تم ارساله لجميع موظفى الشركة بان هذا اليوم سوف يكون العمل من المنزل، حسنا انه اجراء مؤقت ليوم او يومين الى ان تسترجع الطرق قدرتها على استيعاب المواطنين ونعود الى ادراجنا بعملنا بشكل طبيعى..

بنهاية الدوام تلقت دولت اتصال من احد اصدقاءها للذهاب لتناول الشراب بعد العمل اليوم كاحتفال ماقبل الاعصار..

ذهبت دولت لمقابلة حسام احتسيا معا الشراب وتبادلا النكات حول حال الايام المقبلة واننا سوف نعود للجهالية او اننا سنعيش حالة من حالات افلام هوليوود عن المستذأبين او الزومبييز..

انتهيا من الشراب على عجل حيث هاتفها والدها لانه الساعة قد تخطت التاسعة وحان وقت الرجوع الى المنزل..
اطلق حسام المزحة قائلا: العالم بينتهى وابوكى لسة بيقولك روحى الساعة تسعة ..

بضحكة باهتة اجابته دولت: وحياتك ولو لوقلتهله القيامة بتقوم هيقولى تبقى فى البيت الساعى تسعة مالهاش علاقة.
حسام: يابنتى عندك 34 سنة مش كفاية كدة ولا ايه!!

دولت: حسام بالله عليك كفاية كدة عشان انا اصلا ماناقصة دة انا بتعالج وهما لسة زى ماهما بتعالج لانهم مش هيتغيرو فانا لازم اتعالج عشان اعرف اتجاوب معاهم.

بعد ان اخذت حمامها الليلى وتناقلت مع والدتها بعض اخبار اليوم حملت كوب الشاي بالقرنفل واتخذت من غرفتها ملاذا لها وسحبت من الرف احد الكتب قد بدأت فيه مؤخرا واخذت جرعة دواها املة فى نوم هادىء، لكن كيف بلانوم الهادىء والكوكب بينتهى وباء واعصار وحبس اجبارى بالبيوت..

يرن جرس اشعار الصحيان لمعاد العمل خمسة عشر دقيقة فقط كافية للاستيقاظ قبيل العمل وصنع القهوة، تشابهت الايام مع دولت اليوم مثل امس مثل غدا فجميعها تفعل فيها نفس الشىء لاجديد فقط اعلنت الحكومة عن امتداد الحظر مع تزايد اعداد المصابين والمتوفيين ولازال العمل من المنزل كما هو على حاله، لازالت علاقتها بسليم كما هى متشابهة مثل الايام مضطربة مثل جميع المشاعر التى تمر بها ليست واضحة مجهولة كلايام المقبلة..

تتقلب الافكار فى بالها لماذا ينعتها سليم دائما بالغبية التى لاتفهم وفى نفس الحين يقول انها اكثر شخص يفهمه!!

تتقلب الافكار حيث هند صديقتها المقربة فى العمل لم ترد على اتصالتها لها وعندما واجهتها ماذا بها لم تقل شيئا فنا مثل لا تغيير فقط الملل العام, لتترك دولت دائمة الحير ماذا فعلت لكى يتجنبنى الجميع!!

تتقلب الافكار الى متى سأظل بين اربع جدران ووالد ووالدة لا يعلمون عنى شىء، فهذه الجدران تعرفنى اكثر منهما تلك الجدران رأت دموعى انهياراى هفواتى محاولات انتحارى، فكيف لابوين تحت سقف واحد لايعلمون عنى شىء وانا التى شارفت على سن الثالثة واربعون!!
تنظر دولت فى المرأة: لامفر من الواضح ان القاعدة مطولة.

تذهب الى غرفة المذاكرة القديمة لتعيد ترتيبها فى عبارة عن البلكونة ولكن لها شباك من الالوميتال قد تم اعدادها بهذا الشكل عند خولى الثانوية العامة لتكون غرفة منعزلة للمذاكرة لتأتى لى صديقتى المقربة سلوان لتشاركنى المذاكرة..

دخلت دولت الى هذه الغرفة وكأنها تمسح الغبار حرفيا عن ذكرياتها لتجد فى ادراج المكتب صور فوتوغرافية لما قبل الديجتال لرحلات المدرسة ايام ابتدائى واعدادى وثانوى لترى انعكاس وجهها فى صور لم تتعرف على ذلك الوجه من هذه!!

تجمعت بعقلها الذكريات فيضان من طفلة ومراهقة كانت دائمة الابتسام كانت العقل الناصح والحضن الدافى لجميع الصديقات كانت الامان اما جميع الامهات فا طالما نحن مع دولت فبناتنا بخير..

علت وجهها ابتسامة حائرة متى انتى بنا المطاف وسط كل هذه الامواج العالية!!

لماذا غابت البسمة وتحولت لووجوم دائم!!

ماذا حدث ليقمعنى والدى بعد كل هذه السنوات، كيف كننا اكثر حرية وانطلاق عندما كنا اصغر!!

قاطع شلال ذكريتها رنين هاتف من سليم..

دولت عايز اتكلم معاكى

خير يا سليم

دولت احنا لازم نسيب بعض انا مش قادر اكمل جربت ومش مرتاح

اعتصرت دولت رياح الخنق وكتم الروح والدمع فهى تعلم جيدا ان هذه اللحظة ستأتى لا محالة، ولكن لما الان!!

تمام ياسليم اللى تشوفه

معندكيش حاجة تقوليها

احنا مكناش مع بعض يا سليم عشان تلوقتى نسيب بعض انا عمرى ماحسيت انى حبيبتك بتعتك او اخصك وانا محبش انك تكون مش مرتاح اسفة لو معرفتش اخليك تحبنى..

انهت دولت الاتصال مع سليم وهى غاضبة من جميع من حولها ولكنها اكثر غضبا من حالها فكيف تحولت من هذه التى فى الصور بين يديها الى هذا الوجه الشاحب ذو الملامح الباهتة..

فى الخلفية مذيع الخبار يذيع ان عدد الحالات وصل الى الفي حالة وحالة من الذعر والهلع تجتاح والدها ووالدتها، وصت تحذيرات والدها بعدم النزول نهائيا لدعاء والدتها الذى لا ينقطع بالعفو والنجدة يالله انك كبير ولن تخذلنا ازح الغمة يا الله..

تتصارع الصرخات بداخلها اصوا لاتستطيع اسكاتها فامام اعيينها اصدقاء غائبوون حبيب يترك والديين ليس بينهما لغة حوال واحدة تظر الى الجدران فهى فى حالة من الهياج العصبى والفكرى المشاعر المضطربة تشعر بالاختناق لا يوجد هواء كافى للاستنشاق بكاء لايتوقف هيستريا وكان مةسيقى ابورالى تتعالى فى اللحظات الاخيرة قبل التوقف ..

حتى انها توقفت.. توقفت دولت عن الدوران توقفت عن الشعور عن التفكير قتلها الحزن والكبت والشعور بالدونية وال لاشىء قتلها الخوف من الوباء وليس الوباء قتلتها عيون مستهترة وقلوب انانية، قتلها لافقد والوحشة..

ماتت دولت فى لحظة من الخوف والهلع والدعاء والتوتر والانانية والبعد والفراق والذكريات..

اصطحبتها ذكريات الطفولة وحلقت بروحها الى الفضاء الحر بعيدا عن المشاعر الخانقة الموحشة والوحدة والخوف..

ماتت وتركت كل شىء لاضطرابه وعبسه ولكن التساؤل فى مثل هذه الظروف من سيذهب لدفنها الاب الذى خائف من ان يفتح زجاج نافذة!! ام الام التى ليس لها حيلة!! ام اخ غائب بغربة !! ام من من فى ظل الوباء هذا سيترك مكانه ليذهب لمقابر يدفن جسد هربت منه روحه لبارئها من عبسهم هذا من نستأمن ان يأتى ليغسل الجسد!!

هكذا تحول مرض الى وباء الى سوس ينخر فى روح وافكار البشر فلم نعد منطقيين تأكلت بدالخنا الانسانية حتى اتت ابنة الخالة الطبيبة النفسية التى سوف تجد الحل لجميع المعاضل نظرت ورتبت كيف سوف تصل دولت الى مستقرها الاخير فى غياب والدها ووالدتها خوفا عليهم..

اى خوف وعبس بعد ان رحلت الابنة الوحيدة.. لهذا رحلت عنكم دولت فهى لم تستطع الصمود مع العبس والجهل وانعدام الانسانية..

هكذا لفظت الصديقة القديمة اخر كلماتها فى توديع دولت.. عاشت وحيدة وماتت وحيدة..

ليست هناك تعليقات: